[٦] العبر والمواعظ في سورة الكهف التفكّر في قدرة الله عزّ وجل التي لا حدود الله، والتّصديق بيوم البعث الذي يُكذبه الكفّار، فمن بعث الفتية بعد مئات السنوات قادر على إحيائنا يوم البعث. الله عز وجل يختبرنا بصدق إيماننا، فيضع الله الإيمان في قلوبنا ثم يمتحننا ماذا سنفعل وقت المحن، أو بالرّخاء، قال تعالى: (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا). [٧] يجب علينا اختيار الصحبة الصالحة والحفاظ عليها، فهي أحد أسباب تقوية إيمان المرء، كما فعل الفتية الصالحون مع بعضهم، قال تعالى: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا). [٨] اللجوء إلى الله وطلب الاستعانة به، والتيقّن أن الله لن يخذلنا كما فعل الفتية، قال تعالى: (فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا). [٩] الحث على طلب العلم النافع، فعندما فرّ الفتية أرادوا الحفاظ على دينهم وطلب العلم النافع في عقيدتهم أيضاً.
مسجد أهل الكهف باليمن بينما يوضح كتاب "قرية الفتية أصحاب الكهف (آراء دينية - تاريخية - أثرية - علمية)" للدكتور محمد هشام النعسان، أن هناك عدة أماكن لكهوف تتدعى إنها لأصحاب الكهف، تواجد فى حوالى 40 دولة، منها فى اليمن وتركيا الذى يوجد بها 3 أماكن مختلفة، وكلها تحمل اسم كهف أصحاب الكهف. ويذكر الكتاب أن المستشرق كلارمون جانو، يرى أن كهف الرجيب بالأردن هو كهف أهل الكهف، بينما يرى الدكتور عبد المنعم سيد أن المكان هو منطقة البتراء حيث وجد كلمة "رقمو" بالنبطية محفورة على الصخر بمدخل المدينة، كما يوجد نقوش باليونانية على الجدران تعود لسنة 446م. وأكد الكاتب أن هناك من يرى أنها فى نينوى وآخرون يرون أنه فى دمشق، وذكر البعض أنهم كانوا فى روما فى سراديب الكتاكومب أو فى اسكندنافيا، حتى أن البعض ذهب بأنه موجود فى بريطانيا. سراديب فى روما التى يعتقد انه هناك كان أهل الكهف وعلق المؤلف: وهكذا يطير الكهف شمالا وجنوبا وكل كهف فيه سبعة قبور! ، إن مكان الكهف الحقيقى غير معروف على وجه التأكيد، وما من قرائن تاريخية، أثرية جازمة تشير إلى المكان الذى عاش فيه أصحاب الكهف على وجه التحديد.
واحدة من القصص الدينية الأكثر ذكرا فى الرسالات الإبراهيمية الثلاثة، هى قصة أصحاب الكهف، والتى ذكرت فى الكتاب المقدس فى عهده الجديد "الإنجيل" باسم "السابعة النائمين"، وفى القرآن الكريم تم ذكرهم فى سورة "الكهف". وتدور قصة أصحاب الكهف عن عدد من المؤمنين الذين آمنوا بعبادة الله الواحد وتركوا عبادة الأوثان، وذلك فى عهد الاضطهاد المسيحى، فى ظل حكم الحاكم الرومانى ديقيانوس، والفتية السبع كما وردت فى الوثائق المسيحية: مكسيميليانوس، أكساكوستوديانوس، يامبليكيوس، مرتينيانوس، ديونيسيوس، أنطونينوس، وقسطنطينوس، (أبو يوحنا). الذكر القرآنى لقصة أصحاب الكهف التى وردت فى السورة التى تحمل نفس الاسم، لم تختلف كثيرا عن مضمون القصة التاريخية الدينية، إلا أنها لم تحدد عددهم على وجه التحديد كما جاء فى النص الإنجيلى، حيث جاء فى سورة الكهف:"(21) سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّى أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا (22)".