كما أكد على ذلك وزير العدل حافظ الأختام السيِّد طيب لوح، ولكن كل هذه الإجراءات تبقى ناقصة وغير كافية، لأن المرأة المُطلّقة حتى ولو وفّرت لها الدولة الجزائرية كل ما يضمن أمنها وسلامتها ويلبّي احتياجاتها المادية والاقتصادية، ولكن ستبقى تعاني رغم ذلك لأن المشكل يكمن في العقلية التقليدية المتحجّرة، والتي لا تريد أن تفهم أن الطلاق هو من الظواهر الاجتماعية والسوسيولوجية التي يشهدها العالم أجمع، فالمرأة المُطلّقة إنسانة قبل كل شيء تمتلك عقلاً وقلباً وإحساساً وشعوراً، ويجب علينا مُراعاة كل ذلك فهي قد تكون ربما لها شخصية جذّابة ورائعة ومنتجة أكثر من الناحية العملية ومتفوّقة في جوانب حياتية كثيرة، ولكن مسألة طلاقها هي من شؤون القدر وتصاريف الدهر التي أرادها الله عزّ وجلّ لحكمة هو وحده مَن يعلمها، ولا تنسوا أن من لا يَرحَم لا يُرحَم، وبأن المرأة سواء كانت مُطلّقة أو متزّوجة هي من وصايا الرسول عليه أفضل الصلاة والسَّلام إلى رجال أمّته وهو في النزع الأخير، حيث قال: عليه صلوات ربي وسلامه عليه، رفقاً بالقوارير وكرّرها ثلاث مرات قبل أن تفيض روحه الشريفة إلى باريها، فهل أنتم طائعون لوصاياه يا ترى؟ أم أن المجتمع الجزائري قد فقد بوصلته الأخلاقية، وأصبحت كل مُطلّقة في نظره عبارة عن امرأة ناقصة لا قيمة لها، وبالتالي لا أهمية لما تقدّمه لتطوّره وتقدّمه في النهاية.
يرى الخبير الاجتماعي الأستاذ يوسف حنطابلي إلى أن المرأة المُطلّقة تكون الضحية الأولى لعملية الطلاق، فالنساء في العادة لا يردن الانفصال وتخريب عش الزوجية حتى بوجود المشاكل والضغوطات الاقتصادية والاجتماعية الخانقة، لأنهن يجدن أنفسهن في وضعية حرجة للغاية، وتقل فرصهن في الزواج مرة أخرى، وهذه هي النظرة السائدة في المجتمع الجزائري، بينما الرجل إذا كان مقتدراً مادياً فيستطيع إيجاد امرأة غيرها بسهولة، فالرجل في العادة يتهرّب من الارتباط بالمرأة المُطلّقة، وبالتالي قد تعيش تلك المُطلّقة حياتها كاملة من دون زواج ثانِ، وخاصة إذ تطلّقت وهي في مقتبل العمر ولازالت تشعّ بالتالي نضارة وشباباً، والأنكى من ذلك أن هناك من الأسر الجزائرية المحافظة جداً من لا تقبل عودة الفتاة المُطلّقة إلى كنفها مرة ثانية، وخاصة إذا كانت المُطلّقة فتاة قد فقدت أحد أبويها أو كلاهما وتعيش مع أخوتها الذكور، وخاصة إذا كانوا متزوّجين، فلا تجد لها إن لم يكن لها بيت يأويها إلاًّ الرصيف لتفترشه هي وأولادها وجميعنا نعرف بأن الشارع في بلادنا لا يرحم. فالجزائر التي قامت بتعديل قانون الأسرة وعصرنة القوانين الخاصة بالمرأة ومنحت الدولة لها بالتالي الكثير من الحقوق المدنية، فأصبحت بفضل هذه الحقوق المكتسبة تحتل المراتب الأولى عربياً وخاصة في المجالات السيّاسية والاجتماعية، وإقرارها كذلك لحزمة من القوانين والإجراءات لمساعدة المرأة المُطلّقة على بناء نفسها واستقلاليتها وشفائها النفسي التدريجي من صدمة الطلاق، كإقرارها لمشروع قانون دخل حيّز التطبيق أخيراً يتمثّل في إنشاء صندوق النفقة لمُطلّقات الحاضنات وأولادهن، وذلك لحمايتهن من الانحراف.